ندرك في شركة الفنار العقارية أهمية البنية التحتية لإسطنبول في نظر المستثمرين العرب والأجانب، لذلك نعمد دائماً إلى نشر المعلومات والمقالات التي تغذي شغفهم للتعرف على تفاصيل حول إسطنبول المدينة الواعدة للاستثمار والسياحة والتجارة، وحديثنا اليوم عن نفق أورآسيا العظيم. لم يكن 31 يوم كانون الثاني /يناير 2017 تاريخاً عادياً في إسطنبول، بل كان يوم ولادة الأخ الشقيق لنفق مرمراي تحت مياه بحر مرمرة، لكن هذا المولود الجديد ليس كشقيقه الأول مخصصاً لقطار المترو فقط، بل نفق أورآسيا خُصص ليكون أول نفق تعبر فيه السيارات من تحت مياه مرمرة، مشتقّاً اسمه من القارتين اللتين يصل بينهما: أوربا وآسيا. 

حيث بدأت عمليات حفر هذا النفق في الشهر الرابع من عام 2014وتم الانتهاء منه في الشهر الأول من 2017، بنفقة 1.3 مليار دولار أمريكي تم  افتتاح المشروع العملاق نفق أور آسيا تحت مياه مرمرة بارتفاع 14 متراً وطول 420 كيلو متراً، ليكون سادس أطول نفق للسيّارات عالمياً. إنّ هذا النفق لن يكون فقط أداة ربط بين منطقتين فحسب، أو ممراً للسيارات والحافلات كأي ممر آخر، بل إنجاز كبير يُعوَّل عليه للمساهمة في انتعاش الاقتصاد التركي وتعزيز الدور التجاري والاقتصادي لمدينة إسطنبول بالذات.يساهم هذا النفق بشكل رئيسي في تقليص المدة الزمنية للسفر بين منطقة غوزتابه في الطرف الآسيوي من إسطنبول و منطقة كازلي تشيشمه الأوربية، واللتين يربط بينهما النفق من أكثر من ساعة ونصف إلى ربع ساعة فقط.هذا الاختصار الزمني سيدفع بشكل إيجابي حركة التجارة وتنقل التجار وتسهيل معاملاتهم، مما يمثّل دافعاً مشجّعاً للمستثمرين للقيام بزيادة استثماراتهم في إسطنبول، كما يمثّل هذا النفق العظيم دوراً بارزاً في تحفيز النشاط السياحي بسبب تسهيل عملية انتقال السيّاح بين قسمي إسطنبول. 

كما أنّ هذه الفترة الزمنية ستنعكس إيجاباً على البيئة لأنها ستخفف من الغازات والدخان المنبثق عن السيارات، مما يعني أنّه مشروع صديق للبيئة بالإضافة إلى مزاياه التجارية و السياحية. كما تشير البيانات الخاصة بوزارة النقل والمواصلات التركية أنّ هذا النفق يشهد مرور مايقارب 120 ألف سيارة يومياً، وتبلغ أجرة عبور النفق 17 ليرة تركية فقط. مما يذكر أيضاً أنّ الاسفلت المستخدم لتعبيد طريق النفق اسفلت يمتص الصوت والإضاءة، كما تم بناء النفق بشكل يجعله مضاداً للزلازل ، كما رُبطت أطراف وأجزاء النفق عبر أساور متينة خاصة تمتاز بقوة وكفاءة عالية كما أنها تظهر مرونة ضد الزلازل المحتملة، وأشارت الشركة المصنّعة أن عمر هذه الأساور الافتراضي أكثر من 125 عاماً، أي أنّه سيكون جاهزاً لتحمّل الزلازل حتى مقياس 7.5 درجة على مقياس ريختر، أي أنّه يحتمل جميع الزلازل التي قد تضرب إسطنبول حتى القوية منها والتي لا تحدث إلا مرة واحدة كل 500 عام، أي أنّه يصلح أن يكون مأوىً في الحالات الطارئة بسبب تصميمه وسعته. 

يحتوي النفق على عدد كبير من مخارج الطوارئ والتي تقدر بحوالي مخرج واحد كل 100 متر، تتضمن هذه المخارج أجهزة للحالات المستعجلة والتي تتطلب طواقم التدخل السريع، إذ توجد أجهز نداءات صوتية وراديوية، بالإضافة إلى قدرة الركّاب العابرين في النفق أن يستخدموا شبكات الجوال دون انقطاع أو فقدان للتغطية. يُضاف إلى ذلك كله جاهزية فرق التدخل السريع والموزّعة على طرفي النفق ومتواجدة على مدار الساعة وبشكل يومي.قد كانت أول سيارة عبرت هذا النفق هي السيارة الخاصة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورافقه في هذه الرحلة رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، في خطوة وُصفت حينها بأنها داعمة لمواقف حزب العدالة والتنمية التركي لأنها تُكسب الحزب ثقة شريحة أوسع من الشعب التركي ليشقّ طريقه نحو جعل تركيا من أوائل عشرة دول اقتصادية على مستوى العالم فيما يُعرف برؤية 2023. أربعة طرق اليوم تربط آسيا بأوربا في إسطنبول جسران بريان ونفق مرمراي ونفق أور آسيا، هذا الربط الذي يساهم بشكل جدي بتعزيز الحركتين التجارية والسياحية أكثر فأكثر، ويفتح آفاق اقتصادية واستثمارية جديدة.