ديلي صباح: أكثر من 59% من الاستثمارات السورية في تركيا ناجحة
"مشروع بسيط في تركيا أو الاستثمار في تركيا بمبلغ بسيط ،ربما هذه الفكرة لم تعد تكفي لتعبر عن استثمارات السوريين في تركيا بعد 7 سنوات من الاقامة في هذا البلد وافتتاح مشاريع استثمارية في تركيا بأعداد هائلة، صارت طموحات المستثمرين تتجه نحو تجاوز التحديات إلى الوصول إلى افتتاح وإدارة مشاريع مربحة جداً في تركيا ،وهذا ما سنتحدث عنه في هذا المقال"
عند متابعة عدة تقارير قامت بإعدادها صحف ومؤسسات إحصائية تركية آخرها "صحيفة ديلي صباح التركية" كان الحديث منصبّ حول حجم الاستثمارات السورية في تركيا والتحديات التي تواجه المستثمرين السوريين في تركيا، إلى جانب تقارير أخرى عن تطلعات وطموحات المستثمرين السوريين في تركيا الآن وفي المستقبل القريب والبعيد، وكان ختام هذه التقارير ما ذكرته "ديلي صباح" عن أن أكثر من 59% من رجال الأعمال السوريين في تركيا قد حققت مشاريعهم في تركيا نجاحات مبهرة، وذلك استناداً لاستبيان أجراه "البنك الأوربي للإنشاء والإسكان EBRD" و "مؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية التركية TEPAV".
أجرت المؤسستان استبياناً خاصاً حول استثمارات السوريين في تركيا مقابلات مع 400 شركة سورية في تركيا، علماً أن مصطلح شركة في تركيا ينسحب على جميع الفعاليات التجارية من مصانع ومعامل وشركات ومدارس ومتاجر ومكاتب ومطاعم ومقاهي....الخ، حيث أوضح التقرير الصادر عن المؤسستين المذكورتين أنّ عدد فرص العمل التي توفرها هذه الشركات حوالي 98 ألف فرصة عمل في تركيا "للأتراك والسوريين والأجانب".
ويُذكر أن تعداد الشركات السورية في تركيا قد تجاوز حدود 6300 شركة في بداية عام 2018 وفق تقارير ذات صلة بموضوعنا، وقد نشرت صحيفة يني شفق التركية قبل سنة تقريباً خبراً عن تجاوز الاستثمارات السورية حدود الـ6 آلاف استثمار.
- حوالي 72% من المستثمرين السوريين لا يودون العودة إلى بلادهم بعد انتهاء الحرب:
لقد أبدى حوالي 71.7% من المستثمرين ورجال الأعمال السوريين رغبتهم بالبقاء في تركيا بصفة دائمة أو طويلة الأمد إذ عبروا عن عدم تفكيرهم بالعودة إلى سورية بعد انتهاء الحرب، ووضح المشاركون في الاستبيان أنّ من أهم ما دفعهم لاتخاذ قرار اقفتتاح مشاريع في تركيا هو قربها من سورية بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى العلاقات الاقتصادية التي كانت تربط بين العديد من المستثمرين السوريين والأتراك قبل 2011 مما مثّل بيئة مناسبة لنقل استثماراتهم ومشاريعهم من سورية إلى تركيا بسبب الأوضاع الأمنية السيئة وعدم صلاحية سورية في الوقت الراهن لأن تكون ببئة آمنة للمشاريع الاستثمارية، والملفت بالنظر أنّه لم يعد يتبادر إلى أذهان نسبة كبيرة من هؤلاء المستثمرين حلم العودة إلى سورية أو إعادة افتتاح مشاريع هناك، وحتى بعض المستثمرين السوريين الذين أبدوا نيتهم العودة إلى البلاد حال انتهاء الحرب ذكروا أنهم عازمون رغم ذلك على استمرار تشغيل مشاريعهم الحالية في تركيا.
في تقرير سابق لصحيفة حرييت التركية أبدى حوالي 76% من المشاركين في الدراسة الإحصائية الخاصة بالصحيفة عن رغبتهم بإبقاء مشاريعهم في تركيا حتى لو عادوا إلى سورية بعد انتهاء الحرب.
- بيئة العمل في تركيا تجذب المستثمرين السوريين
- يعتقد 48.4% من المشاركين في الاستبيان أنّ بيئة العمل في تركيا أفضل بكثير من بيئة العمل في الدول الأخرى المجاورة لسورية كلبنان والأردن بل فاقت حتى ظروف العمل في سورية نفسها
تتجه الشركات السورية في تركيا في الدرجة الأولى للتصدير وخاصة "البضائع السورية" إذ ذكرت "ديلي صباح" في تقريرها أنّ حوالي 55% من الشركات السورية في تركيا تعمل بالتصدير في حين أن 30.9% من الشركات التركية تعمل في التصدير، وقد يكون السبب الرئيسي لذلك هو وجود مجال واسع للتصدير إلى سورية عبر البوابات الحدودية الرسمية بين البلدين وخاصة في إدلب وشمالي حلب، وخاصة أنّ المعابر الحدودية تمثّل شريان الحياة لهذه المناطق في سورية.
على صعيد متصل فقد ذكر تقارير أخرى أنّ اهتمامات المستثمرين السوريين في تركيا تأتي بالترتيب التالي:
المرتبة الأولى: تجارة البضائع "استيراد وتصدير" حيث تعمل 39% من الشركات السورية في تركيا في هذا المجال.
المرتبة الثانية: الاستثمارات الصناعية حيث تشكل المصانع السورية في تركيا 19% من مجمل استثمارات السوريين في تركيا.
المرتبة الثالثة: استثمارات المطاعم والفنادق، وتشكل حوالي 10% من الاستثمارات السورية في تركيا.
وبالنسبة للولايات التركية فإنّ ولاية غازي عينتاب تعتبر المركز الرئيسي للاستثمارات الصناعية للسوريين في تركيا في حين استثمارات المطاعم والفنادق الخاصة بالسوريين فتكثر بشدة ولاية اسطنبول، بحسب تقرير خاص أصدرته صحيفة حرييت التركية.
- التحديات التي تواجه استثمارات السوريين في تركيا:
ـ تعتبر اللغة التركية هي الصعوبة الأكبر للمستثمرين السوريين في تركيا لأنّ معاملات الترخيص وفهم القوانين التركية يتطلب الإلمام باللغة التركية أو التعامل مع ترجمان، ولدقة القوانين التركية ينبغي أن يكون المترجم موثوقاً من قبل المستثمرين من ناحية أمانته وقدرته على الترجمة السليمة إلى جانب إلمامه بالقوانين التركية ذات الصلة بمشروع العمل أو الاستثمار التي يرغب المستثمر بافتتاحه.
ـ من التحديات الكبرى التي تواجه استثمارات السوريين في تركيا هي الحصول على التمويل، وخاصة أنّ أغلب السوريين اللاجئين إلى تركيا قد لجؤوا بظروف استثنائية وقد خسر العديد منهم أموالاً كثيرة وأملاكاً داخل سورية نتيجة الحرب، فلذلك أصبح تمويل المشاريع السورية في تركيا من أصعب التحديات، خاصة المشاريع الخاصة بالتعليم أو المراكز التدريبية والروضات والتي تحتاج عادة إلى ممول قوي نظراً لأن مردوداتها محدودة وقد لا تؤتي ثمارها في السنوات الأولى من الاستثمار، وتتمثّل مشاكل التمويل الأساسية بالنسبة للسوريين في النقاط التالية:
ـ فتح حساب مصرفي تجاري في تركيا: يرى 28% من المستثمرين السوريين أن هذا الخيار من أصعب تحديات تمويل استثمارات السوريين في تركيا.
ـ تحويل العملة المحلية: تحدث 27.3% من المستثمرين أنهم واجهوا مشاكل في تحويل العملة وخاصة فيما يتعلق بالتصدير بالنسبة إلى استثمارات السوريين في تركيا.
ـ فتح حساب مصرفي شخصي في تركيا: أوضح 19.7% من المستثمرين السوريين أنهم واجهوا مشاكل في هذا الجانب.
على الرغم من أنه لا توجد قوانين أو عقبات قانونية تمنع السوريين من افتتاح حسابات مصرفية في تركيا سواءً كانوا رجال أعمال أو غير ذلك، ولكن غالباً يبنى الانطباع لدى المستثمر أو العميل الراغب بفتح حساب مصرفي في تركيا من المعاملة أو التصرف الفردي الذي يصدر عن الموظفين في بعض المصارف، أو نتيجة سياسة المصرف نفسه بسبب الوضع القانوني لأغلب السوريين في تركيا ،حيث يقيم مئات الآلاف من السوريين في تركيا تحت الحماية المؤقتة ولا تحبّذ بعض المصارف والبنوك افتتاح حساب مصرفي بالاعتماد على وثيقة الحماية المؤقتة في تركيا.
ـ من التحديات المهمة التي يعيشها السوريون في تركيا هي عدم قدرتهم على شراء عقارات في تركيا إلا عن طريق الشركات وبشكل محدود وفيما يخدم عمل الشركة التي يشترون باسمها، مما جعل استثمارات السوريين في تركيا في الجانب العقاري من أقل الاستثمارات السورية إن لم نقل أنها شبه معدومة.
كذلك من ناحية الاستثمار في المدارس والمراكز التعليمية يعاني السوريون من مشاكل من جهة الترخيص والتمويل وإمكانية الاعتراف بها رسمياً، أما المشاريع السورية في المراكز الصحية والعيادات فهي أحسن حالاً وتمثل خياراً محبذاً للسوريين والعرب في تركيا بدل المراكز الطبية التركية أو المشافي بسبب العوائق الخاصة بالوثائق الرسمية وحاجز اللغة التركية.
أما استثمارات السوريين في التجارة والصناعة فهي أقوى من الخيارات السابقة، يُضاف إليها الاستثمار في المطاعم والمتاجر والمكاتب الخدمية والمولات الصغيرة والمتوسطة وغيرها ...
- استثمارات السوريين في تركيا تشّكل 14% من الاستثمارات الأجنبية في البلاد:
في ذات السياق الذي نتحدث عنه فقد ذكرت صحيفة يني شفق التركية أنّ استثمارات السوريين في تركيا أسهمت بشكل واضح في اقتصاد تركيا، إذ أشارت الصحيفة إلى أنّ معدل استثمار السوريين في تركيا يشكل حوالي 14% من حجم الاستثمارات الأجنبية في تركيا.
ويُذكر أنّ استثمارات السوريين في تركيا تساهم في الاقتصاد التركي بما يقارب 1.3 مليار ليرة تركية، أي ما يعادل 240 مليون دولار أمريكي تقريباً.
ومما يشار إليه أنّ استثمارات السوريين في تركيا تساهم بالكثير من الإيجابيات داخل السوق التركية ومن أبرز إيجابياتها:
ـ توفير فرص عمل للسوريين والأتراك والعديد من الأجانب من جنسيات أخرى.
ـ التقليل من معدل البطالة بشكل عام ورفع إنتاجية الفرد التركي والمقيم.
ـ توفير مستلزمات المقيمين العرب في تركيا كون البضائع السورية مرغوبة عند العرب عموماً.
ـ تشجيع السياحة العربية والإسلامية إلى تركيا.
وفي سياق متصل فقد أشارت توقعات بعض الخبراء الاقتصاديين الأتراك أنّ نمو استثمارات السوريين في تركيا من شأنه أن يساهم في تأثير السوريين إيجاباً على أي قرارات سياسية للحكومة التركية فيما يخص السوريين في تركيا، وقد يحوّل ذلك وضعهم في تركيا من ضيوف إلى مقيمين مستقرين، وهذا ما يفسّر قيام الحكومة التركية بشكل متقطع بمنح الجنسية التركية بشكل استثنائي لآلاف السوريين من العلماء والمعلمين والعاملين والعديد من طبقات المجتمع السورية ممن يقيمون في تركيا.
تواجد السوريين في تركيا طيلة 8 سنوات مضت ليس تواجداً مستهلكاً فقد استطاعت استثمارات السوريين في تركيا أن تنجح في حصد مراتب متقدمة على صعيد الأرباح والعوائد والنمو، وقد حلّ السوريون بالرغم من وضعهم القانوني والظروف التي قدموا فيها إلى تركيا في المراتب الأولى في تركيا في مجالات عديدة ليس الاستثمار إلا واحداً منها.