تتوجه نحو تركيا الكثير من الشائعات من جهات إعلامية لا يُفرحها النمو الاقتصادي التركي، وخاصة ما يتعلق بإشاعات ركود العقارات في تركيا وهي من أغرب الإشاعات التي أُطلقت نحو هذا البلد، لذلك قمنا بإعداد هذا التقرير الذي نوضّح فيه بالأرقام والإحصائيات وبتحليل اقتصادي دقيق مكامن الخطأ في هذا التصور عن عقارات تركيا.
ليس من باب الدعاية لعملنا في القطاع العقاري في تركيا، ولكن من باب التزامنا بإيصال الصورة الحقيقية لسوق العقارات في تركيا، وإيماناً منا أنّ الاستثمار العقاري في تركيا خطوة مهمة للمستثمرين العرب في وجه التحديات الاقتصادية التي يواجهونها في بلدانهم الأم.
الأسباب التي تؤدي إلى ركود الأسواق الاقتصادية
هنا لا نتكلم عن تركيا وإنّما عن الأسباب العامة التي تؤدي إلى ركود اقتصادي في أي دولة من دول العالم، وسنفنّد في الفقرات القادمة وبالتفصيل الدقيق أسباب سلامة تركيا من الركود الاقتصادي بشكل عام، وركود العقارات في تركيا بشكل خاص.
ومن أهم الأسباب التي تؤدي إلى ركود الأسواق الاقتصادية هي:
- عدم الاستقرار السياسي أو الاجتماعي
- الديون العامة للدولة
- قلة عدد المستثمرين الأجانب
- تخوّف المستثمرين في البلد من انهيار الاقتصاد
- ارتفاع نسب البطالة
- انخفاض مردود الفرد الشهري
- عدم ثقة المستهلكين بالاقتصاد
- انعدام المحفزات للاستثمار
عند إسقاط هذه الأسباب على تركيا نجد أنها سليمة بنسبة 100% من هذه العوامل التي قد تؤدي إلى الركود، وخاصة في القطاع العقاري الذي يشهد نمواً متزايداً منذ عام 2000 بالإضافة إلى التحفيزات الاستثمارية التي بدأت في عام 2012 بشكل فعلي ووصلت إلى مستوي متطور من الإصلاحات القانونية والإجرائية المشجعة على الاستثمار في عقارات تركيا، وهذا محور حديثنا في الفقرة القادمة.
مكامن القوة في عقارات تركيا بوجه الركود
إنّ الذي يساهم بشكل أساسي في مقاومة الركود أو أي مخاطر اقتصادية محتملة هو اعتماد هذا القطاع على نقاط قوة مثالية وقادرة على تحقيق نمو متزايد في الاستثمار العقاري في تركيا ومن هذه النقاط:
قوة الاقتصاد التركي
إنّ الأرقام الدقيقة للمؤشرات الاقتصادية التركية، ومؤشرات عالمية تناولت الحديث عن تركيا، تشير إلى قوة فعلية للاقتصاد التركي وقفزات نوعية نحو النمو الاقتصادي:
- بلغ النمو الاقتصادي في الربع الأول من عام 2020 ارتفاعاً بمعدل 5% ، بحسب تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ويعتبر أعلى نمو اقتصادي في هذه الفترة على مستوى مجموعة العشرين.
- معدل التضخم في تركيا انخفض من 35% في عام 2019 إلى 10.56% في عام 2020، وترجح تحليلات اقتصادية أنّه سينخفض إلى أقل من 8% خلال العام القادم.
- زاد الناتج المحلي الإجمالي في تركيا بمعدل نمو 2% مقارنة مع عام 2019
- كذلك عدّلت بعض المؤسسات والهيئات الاقتصادية توقعاتها للنمو الاقتصادي في تركيا:
فصندوق النقد الدولي توقع نمواً لاقتصاد تركيا بمعدل 3% بدلاً من 2.5% بحسب تقارير سابقة
كذلك توقع البنك الدولي نمو الاقتصاد التركي خلال هذا العام بمعدل 3%
- هناك مؤشرات أخرى تدل على قوة الاقتصاد في تركيا منها:
معدل البطالة: 12.6%
معدل العمالة: 40.9%
عدد الموظفين الجدد شهرياً: 25858
سعر الفائدة: 8.25%
مؤشر الثقة في قطاع الأعمال: 106
مؤشر ثقة المستهلك: 59.6
مع هذه الأرقام والنسب المبشرة لا يساورنا الشكّ أنّ الاقتصاد التركي واحد من أقوى اقتصادات العالم، ويحقق نمواً سنوياً بمعدلات متفوقة على اقتصادات القارتين الأمريكية والأوروبية.
الاستقرار الاجتماعي والسياسي في تركيا
مما يثبت أقدام المستثمرين على أرض تركيا ما تنعم به هذه البلاد من استقرار اجتماعي مبني على تعايش مشترك لا يعود تاريخه إلى بداية تأسيس الجمهورية التركية قبل حوالي 100 سنة فحسب بل مثّلت التركيبة السكانية أسلوباً مميزاً في التعايش المجتمعي منذ مئات السنين الماضية.
كذلك على المستوى السياسي فإنّ البلاد تنعم باستقرار قلّ مثيله إلا في الدول المتطورة، وتحيا فيها القوى السياسية بكامل حريتها، وتتشارك المناسبات الديمقراطية والانتخابات وتلتزم بنتائجها بطريقة حضارية.
ولعلّ ما نراه من ردود فعل من المعارضة التركية على بعض الخطابات الدولية التي تتهجم على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وخاصة من بعض مرشحي الرئاسة الأمريكية إلا دليلاً ناصعاً على متانة الألفة السياسية بين القوى المختلفة على أرض تركيا.
وقد أثبت قطاع العقارات مقاومة فعلية للكثير من الأزمات التي مرت بالبلاد سابقاً خاصة الانقلاب العسكري الفاشل في صيف 2016 حيث انتعش القطاع العقاري مباشرة بعد أقل من شهر من الحادثة، كما أنّ القطاع العقاري أثبت قوة في مواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا في البلاد خلال الثلث الثاني من عام 2020
استمرار الطلب على سوق العقارات في تركيا
ازداد الإقبال على التملك العقاري في تركيا بشكل طبيعي بالرغم من جائحة كورونا، فقد زادت خلال النصف الأول من عام 2020 نسبة شراء العقارات في تركيا إلى نحو ثلاثة أضعاف الإحصائيات المماثلة للنصف الأول من العام الماضي.
ويزداد الإقبال على التملك العقاري في تركيا بسبب ركائز متينة أهمها:
- الحاجة الدائمة للسكن والعمل في تركيا
- الارتفاع الكبير في عدد السكان الأتراك وعدد المقيمين الأجانب فيها
- سهولة الحصول على القروض العقارية في تركيا
- سهولة إجراءات التملك العقاري في تركيا، وإمكانية إتمامها عبر النت
- وجود حملات إعلامية متوازنة للتشجيع على التملك العقاري في تركيا
- وجود قوانين تحفز المستثمرين الأجانب على امتلاك العقارات في تركيا خاصة ما يتعلق بـ: الإقامة العقارية في تركيا و الحصول على الجنسية التركية مقابل شراء العقارات.
- تهتم تركيا كذلك بزيادة ثقة المستثمرين الأجانب من خلال فرض إصدار وثيقة التقييم العقاري في تركيا على المبيعات العقارية للأجانب لضمان عدم وقوعهم ضحايا لأي عمليات احتيال، كما تخطط تركيا لتعميم إصدار هذه الوثيقة على المبيعات العقارية للأتراك أنفسهم، وتمثل الثقة بين البائع والمشتري إحدى أهم عوامل استمرار الطلب على العقارات في تركيا.
- ارتباط المبيعات العقارية في تركيا بسعرها بالليرة التركية فقط، دون أي تأثر بتقلبات سعر الصرف وقد كانت أسعار العقارات في تركيا وخاصة الفاخرة منها قبل عامين بالعملات العالمية كالدولار واليورو والين الاسترليني، ولكن هذا الأمر تم التخلص منه بقرار تركي بفرض تسعير العقارات في تركيا حصراً بالليرة التركية.
التحول الحضري في تركيا
تعمل تركيا على إعادة تأهيل ملايين العقارات في تركيا وقد أطلقت لذلك خطة من أجل التحول الحضري في تركيا تقوم على مبدأ بناء وحدات سكنية متطورة وبمواصفات مثالية قائمة بالدرجة الأولى على مقاومة الزلازل والكوارث الطبيعية، وتساهم الحكومة التركية بالتشارك مع شركات بناء تركية خاصة لإتمام التحول الحضري.
وقد ساعد التحول الحضري في تركيا على زيادة مبيعات العقارات قيد البناء في تركيا لما لهذه الخطة من أثر كبير على أسعار العقارات وتحقق عوائد ربحية جيدة مباشرة بعد انتهاء البناء.
مما يزيد من أهمية التحول الحضري هي النهضة التنموية في تركيا، مثل بناء المطارات الجديدة وخطوط النقل الحديثة والمشافي المتطورة وغير ذلك من البنى التحتية التي تشجع على الاستثمار العقاري وتزيد من أهمية المنطقة التي يتم تحويلها حضرياً وينعكس ذلك إيجابياً على أسعار العقارات فيها.
قد وضعنا بين أيديكم في هذا المقال معلومات إحصائية وتحليلات اقتصادية مهمة تدحض ما يتم الحديث عنه في بعض الوسائل الإعلامية التي لا تريد الخير لتركيا عن الركود الاقتصادي في هذا البلد، وفي الحقيقة إنّ الشمس لا تًغطى بغربال، ولا يتضرر من هذه الإشاعات إلا المستثمرين العقاريين الذين يسمعونها حيث أنّ الغياب عن سوق العقارات في تركيا خلال هذه الفترة خسارة كبيرة للمستثمرين الأجانب.