جميع الشائعات التي تتحدث عن الخلافات السعودية التركية تدحضها الإحصائيات الرسمية والتي تتناول حجم الاستثمار السعودي في تركيا في القطاعات الاقتصادية المختلفة، ولا سيما قطاع العقارات في تركيا، إضافة إلى ذلك يلمس المستثمرين السعوديين في تركيا أرقى أصناف التعامل من قبل الأتراك ولعلّ زيارة الوليد بن طلال إلى بودروم في تركيا وما لقيه من اهتمام أمني وإعلامي وشعبي يعكس بما لا يدع مجالاً للشك أنّ كلا الطرفين السعودي والتركي يرحّب بأي صيغة للتعاون المستديم بين البلدين ،إلى جانب أنّ الاستثمار في تركيا له مناخ مميز بالنسبة للسعوديين، من ناحية التسهيلات القانونية وانخفاض الضرائب في تركيا. نحن في شركة الفنار العقارية يهمنا أن نوصل الصورة التي نلمسها في واقع عملنا وأن نوضّح تفاصيل الإقبال السعودي على شراء منازل في تركيا، وحجم هذا الإقبال وأسبابه ونتائجه، وذلك حرصاً منا على تقديم المعلومة الصادقة بكل شفافية ومهنية.

حجم الاستثمارات السعودية في عقارات تركيا

إنّ حجم التبادل التجاري بين السعودية وتركيا بلغ حوالي 8 مليارات دولار أمريكي العام الماضي 2017، بحسب وكالة دعم وتشجيع الاستثمار في تركيا، مع طموحات وتوقعات بأن يصل حجم التبادل التجاري إلى 20 مليار دولار أمريكي في هذا العام، إذ أنّ عدد الشركات السعودية التي تستثمر في تركيا هو1040، بينها حوالي 250 شركة سعودية تعمل في قطاع العقارات في تركيا والتطوير العقاري، والبقية شركات تهتم بالصناعات كصناعة السيارات وهذا القطاع الصناعي هو القطاع الأبرز للاستثمارات السعودية في تركيا وكذلك تدخل استثمارات السعوديين في تركيا في مجالات أخرى كصناعات الغزل والنسيج والصناعات الغذائية والمنتجات الاستهلاكية والمعدنية. "النقطة الفارقة في الاستثمار السعودي في عقارات تركيا هي مرحلة ما بعد الانقلاب العسكري في 2016، وذلك بسبب عدم تزعزع ثقة السعوديين في الاقتصاد التركي وسوق العقارات بالدرجة الأولى، فصار السعوديون بعد ذلك العام في المرتبة الثانية بعد العراقيين في شراء البيوت في تركيا ،وقد حافظوا على هذه المرتبة حتى الربع الثالث من عام 2018"

إحصائيات حول الاستثمارات السعودية في عقارات تركيا

بالمقارنة بين عامي 2015 و 2018 فإن حجم الإقبال السعودي على شراء منازل في تركيا قد زاد بنسبة 110% وذلك حسب إحصائيات سعودية نشرتها جريدة الشرق الأوسط، كما أنّ مساحة العقارات التي اشتراها السعوديون في تركيا تجاوزت المليون متر مربع. فقط في الشهر الخامس من هذا العام 2018 اشترى السعوديون حوالي 615 عقاراً في عدة ولايات تركية وذلك بحسب هيئة الإحصاء التركية “تركستات”. وبالرغم من انخفاض الإقبال السعودي على شراء العقارات في تركيا في الربع الثالث من عام 2018، وذلك بسبب حادثة مقتل خاشقجي والتشاحن الإعلامي الحاصل والذي أثر على استقطاب العقارات التركية للمشترين السعوديين ولكن مع ذلك بقي حجم تملك السعوديين للبيوت في تركيا كبيراً نسبياً، حيث اشترى السعوديون في الأشهر العشرة من عام 2018 حوالي 2217 عقاراً في تركيا ،مسجلين انخفاضاً عن إحصائيات العام الماضي، حيث اشترى السعوديون في الأشهر العشرة الأولى من 2017 حوالي 2835 عقاراً في تركيا ،أي أن أعداد العقارات التي اشتراها السعوديون في تركيا بنسبة 27% ،إلا أننا واثقون أنّ هذا التراجع مرتبط بحالة مؤقتة حالية وستنتهي ثم تعود الاستثمارات السعودية في عقارات تركيا إلى الواجهة من جديد. مما يجدر الإشارة إليه أنّ إحصائيات الحكومة التركية تتحدّث أنّ 30% من المستثمرين الأجانب في العقارات في تركيا هم من أبناء الجالية الخليجية وتنال السعودية حصة الأسد من هذه النسبة. أما السؤال الأهم والذي جمعت لكم أجوبته شركة الفنار العقارية مستفيدة من قربها وخبرتها في مجال بيع وشراء العقارات في تركيا وخاصة للأجانب، ناهيك عن خدماتنا الأخرى واستشاراتنا، فالسؤال هو:

أسباب زيادة إقبال المستثمرين السعوديين على عقارات تركيا

  • العلاقات المتينة التي تربط بين البلدين:

تقوم وسائل الإعلام أحياناً بتصوير العلاقات السعودية التركية علاقة متدهورة أو غير متماسكة، ولكن هذا الكلام غير سليم، إذ أن الخلاف في بعض السياسات الخارجية للبلدين أمر طبيعي، بل يستحيل أن تتوافق دولتان على 100% من السياسة الخارجية، فحتى الأحزاب ضمن الدولة الواحدة قد تختلف توجهاتهم، فما بالك بدولتين كل منهما لها تطلعاتها وسياساتها. فلمعرفة مدى التوافق بين البلدين يجب النظر في حجم التبادل التجاري بين البلدين والعلاقات الاقتصادية، فكما ذكرنا أعلاه أنّ أكثر من 1000 شركة سعودية تعمل في القطاعات الاقتصادية التركية. كما أنّ كلاً من السعودية وتركيا تحملان توجهات لنهضة في البلدين، منها رؤية 2023 في تركيا و رؤية 2030 في السعودية، ويتعاون كل دولة من الدولتين على تحقيق مطامح الأخرى وتساعدها في تحقيق تطلعاتها.

  • انهيار العديد من الأسواق الاقتصادية في الشرق الأوسط والدول التي يستثمر السعوديون فيها:

إن المستثمرين السعوديين كانوا يتجهون للعديد من العقارات الإقليمية في مصر بالذات ولبنان، ولكن بسبب الأوضاع الاقتصادية والأمنية التي ضربت الشرق الأوسط، والحروب التي تُخاض سواء عسكرياً أو سياسياً أو اقتصادياً أدت إلى ضعف وتراجع الاقتصاد في عدة بلدان في الشرق الأوسط، ولم يجد المستثمرون السعوديون بديلاً أقرب وأفضل من تركيا، وخاصة بعد استلام حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا. كما أنّ قدرة تركيا على مواجهة أزماتها الداخلية وضمان عدم تأثرها بالأوضاع الاقليمية بشكل سلبي عزّز من ثقة المستثمرين السعوديين في تركيا وعقاراتها كأرض خصبة لاستثمارات طويلة الأجل.  

  • مرونة الاقتصاد التركي وتسهيل القوانين التركية للاستثمارات الأجنبية:

لقد تبدّل الوضع الاقتصادي في تركيا منذ عام 2002 وحتى اليوم بشكل إيجابي وبدأت البلاد تشهد نهضة حقيقية في المجالات الاقتصادية كافة، يُضاف إلى ذلك خطط ومشروعات التطوير العقاري وإعادة تأهيل الأرياف والمناطق الشعبية وبناء مجمعات عقارية ذات أهمية كبرى، من دون أن نغفل عن دور القوانين التركية التي سهّلت ويسرت الاستثمار الأجنبي في العقارات التركية. اجتماع هذه الأسباب في تركيا جعل منها دولة ذات اقتصاد مرن ومحافظ على التنمية والتنامي المستديم والمتصاعد، وإن أسعار العقارات في تركيا والتي ترتفع بمعدلات جيدة كل عام تدل على تعافي الاقتصاد التركي تعافياً تاماً. يُذكر أنّ تركيا تحرص أن يكون اقتصادها من ضمن أول عشرة دول اقتصادياً مع حلول عام 2023.  

  • الفرص الاستثمارية الرابحة والمشجعة في العقارات التركية:

لاحظ المستثمرون السعوديون خلال 10 سنوات مضت أنهم أصابوا بالاعتماد على العقارات التركية في استثماراتهم لأن الفرص فيها واعدة جداً خاصة من يستغلها للاستثمار السياحي والتجاري، ناهيك عن كون الاستثمار السكني أيضاً له أرباحه وفرصه. تشهد العديد من الولايات التركية مشاريع عقارية كبرى، تحمل هذه المشاريع صبغة التطوير العقاري، لذلك تشهد إقبالاً كبيراً خاصة مشاريع التحوّل الحضري أو المشاريع بالقرب من البنى التحتية الجديدة والمتطورة. كما أنّ جميع أنواع العقارات يمكن إيجادها في تركيا من الشقق إلى الفلل إلى الأبنية والمتاجر والمكاتب وغيرها مما يمكن استثماره في قطاعات اقتصادية متعددة، سياحية أو تعليمية أو صحية أو إسكانية أو صناعية …  كما أنّ شراء العقارات في تركيا بالنسبة للسعوديين هو بمثابة محفظة مالية بعيداً عن تقلبات أسعار الصرف، وفرصة ربحية أجدى من الإيداع المصرفي، وفرصة ثمينة للاستثمار الآمن طويل الأجل. لا زالت فرص الاستثمار في تركيا بالنسبة للسعوديين مفتوحة الأبواب وهي في حالة تزايد مستمر وتصاعد، ولم يتأثر فعلياً سلباً في الأشهر الماضية إلا قطاع العقارات في تركيا الذي شهد ضعفاً نسبياً في إقبال السعوديين، أما باقي القطاعات وبالأخص القطاعين الصناعي والعسكري لا زالا يعيشان انتعاشاً جيداً وتطوراً في العلاقات ما بين البلدين.