إنّ العلاقة الرسمية التركية القطرية علاقة متينة جداً، تم بلورتها بشكل سياسي واقتصادي كما تم تأطيرها ضمن لجنة عليا أنشئت بغرض التنسيق والتعاون الاستراتيجي بين البلدين، وكذلك في عدة مجالات أخرى ظهر التعاون بين تركيا وقطر على الصعيد الحكومي والرسمي ومن جانب الأفراد والمؤسسات الخاصة أيضاً.
بالرغم من هذه الصداقة المثالية بين البلدين ومع توقيع العديد من اتفاقيات التعاون المشترك الاقتصادي إلا أنّ حجم التبادل التجاري بين البلدين لا زال غير مرضياً، إذ بلغ في العام 2016 ما قيمته 700 مليون دولار أمريكي وقفز إلى 1.3 مليار دولار أمريكي في العام الذي يليه، ويوضّح بعض المسؤولين الأتراك والقطريين أنّهم يرغبون بزيادة قيمة التبادل إلى 2 مليار دولار أمريكي خلال عام 2020.
وتشير الإحصائيات الاقتصادية السنوية المتتالية أنّ حجم الاستثمار القطري في تركيا بلغ 18 مليار دولار أمريكي في عام 2015، بينما في العام الذي يليه 2016 فقد بلغ حجم الاستثمار القطري 20 مليار دولار، وقد استمر حجم الاستثمار بالتزايد ليصل 22 مليار دولار في عام 2017، إنّ هذه الزيادة لا تُعتبر زيادة مرضية بالنسبة لطموحات بلدين صديقين.
على الجانب العقاري، يهتم القطريون جداً بالاستثمار في عقارات تركيا، وإن كانوا لا يسجلون أرقاماً متقدمة في شراء شقق في تركيا، أو شراء فلل في تركيا، ولكنهم برزوا بشكل أكبر في جانب استثمار العقارات في تركيا حيث أن الكثير من المستثمرين القطريين ينشطون في افتتاح المطاعم، حتى أنه صار من المألوف أن نرى سلاسل من المطاعم لنفس الجهة الممولة منها قسم في إسطنبول وقسم آخر في الدوحة.
هذا الأمر الذي جعل الاستثمار القطري في تركيا سياحياً أكثر منه عقارياً، وقد أشارت إحصائيات وزارة السياحة التركية أنّ عدد السياح القطريين بلغ 40 ألف سائح العام الماضي، ولم يتأثر تدفق السياح لا بالوضع القطري ولا التركي إلا بشكل ضئيل جداً، وقد أثبتت الدولتان استقراراً تجاه مشاكلهما مما خفف من تأثير أي عائق على الاستثمارات المتبادلة فيما بينهما.
بالإضافة إلى ذلك فقد نشطت الاستثمارات القطرية في القطاع الفندقي التركي أيضاً، إذ نفذت قطر مشاريع ضخمة وعملاقة ساهمت في تطوير قطاع الفنادق في تركيا، بالإضافة إلى استثمارات قطرية أخرى في مجال الطاقة، وبحكم ضخامة الصادرات القطرية من الغاز إلى تركيا جعل من قطاع الطاقة في تركيا الأكثر استقطاباً للقطريين مقارنة بباقي قطاعات الاستثمار في تركيا.
وعلى صعيد متصل فإنّ الشركات التركية أيضاً تساهم وبشكل واضح في العديد من المشاريع القطرية وخاصة تلك المتعلقة بالبنية التحتية، حيث يبدي القطريون إعجابهم الدائم بالفنون المعمارية التركية، ويشيدون بالقدرات البنائية لليد التركية، كما تشارك تركيا قطرَ في استثمارات تخص كأس العالم 2022 المقرر أن تستضيفه قطر، فهذا سيزيد من جذب تركيا للمستثمرين القطريين.
يُذكر أنّ الاستثمار الخليجي في عقارات تركيا بلغ مستويات متقدمة خصوصاً بعد عام 2015 عندما شهدت تركيا تخوفات أوربية من الاستثمار في قطاعاتها المختلفة والعقارية حصراً، بسبب أوضاع البلاد في تلك الفترة والانقلاب العسكري الفاشل، أما الذي فاجأ الأتراك هو ثقة المستثمرين العرب بالاقتصاد التركي وعدم اهتزاز ثقتهم أو تراجع استثماراتهم، ولا زالت تركيا تمثل يوماً بعد يومٍ فرصة استثمارية جدية ورائدة للمستثمرين العرب والقطريين خصوصاً.